أوروبا... اليقظة المتأخرة والخطوات التالية

 

 

 

وُصفت قرارات الدول الأوروبية الكبرى، ضد الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، بـ "تسونامي" الذي أغرق إسرائيل في طوفانٍ سياسي لم يكن لتتوقعه، ما أفقد صنّاع القرار السياسي والعسكري صوابهم ليهددوا ويتوعدوا دولاً كانت حتى بالأمس القريب حاضنة دافئةً لإسرائيل، ناهيك عن دورها التاريخي في تأسيس الدولة العبرية والتسابق على الاعتراف بها، وإقامة علاقاتٍ شاملةٍ لكل المجالات معها.

الدول الأوروبية تأخرت كثيراً في إشهار مواقفها وقراراتها ضد حرب الإبادة، ما يجعلنا نقول أن يأتي الإيجابي متأخراً خير من أن لا يأتي.

ما هي الخطوات التالية التي من شأنها إعطاء قيمة عملية للقرارات والمواقف الأوروبية، ذات الطابع التحذيري والقريب من العقابي.

إن ما ينبغي أن يُعمل عليه بصورة جدية ومواظبة ومدروسة، هو كيفية تطوير المواقف والقرارات إلى فعلٍ لا يتوقف عند إغلاق الملف الإنساني بشأن غزة ولا حتى الحرب عليها، بل ذهاب دول أوروبا إلى ما هو أوضح وأعمق من ذلك، وهو العمل الجدي والمنهجي والمواظب لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة مع حلٍ وافقت عليه أوروبا لقضية اللاجئين وفق القرارات الدولية.

إن العديد من الدول الأوروبية اقتربت كثيراً من هذا الاتجاه، وهذا يسجّل كرصيدٍ ثمينٍ للشعب الفلسطيني وحقوقه وأهدافه الوطنية.

غداً أو بعد غد ستتوقف الحرب على غزة ومهما كانت النتائج المترتبة عليها إلا أن ما سيظل ماثلاً أمام العالم كله، هو بقاء قضية الشعب الفلسطيني بلا حل، وهذا ما ستجري معالجته دولياً عبر المؤتمر الذي ستقوده السعودية مع فرنسا بهدف إقامة الدولة الفلسطينية.

رغم هول ما حدث في غزة وما حدث ويحدث بموازاته في الضفة، بما في ذلك خطوات الضم التي يجري تشريعها، فإن المواقف الأوروبية المميزة وما حولها من مواقف إقليمية ودولية، لابد وأن تُفشل الخطط الإسرائيلية المحمومة والهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، بتحويلها من قضيةٍ سياسية لشعب يكافح من أجل حريته واستقلاله، إلى قضية مساعدات إغاثيةٍ تقدم لتجمعات بشرية ينتظرها إلغاء الهوية والوطن والمواطنة.

المواقف الدولية التي تبلورت على وهج حرب غزة، وإن تأخرت كثيراً إلا أنها بثّت في عروق القضية الفلسطينية العادلة وكفاح شعبها العادل دماً جديداً، تتواصل به الحياة ويتواصل التطلع نحو تحقيق هدف الحرية والاستقلال.

 

 

 

Loading...