مشروع الاحتلال الإسرائيلي الشيطاني، لسلب الناس آدميتهم، وسعيه الحثيث لهندسة مشهد الجوع، تمهيدا لمقايضة الوطن برغيف الخبز، بالمعنى الحرفي للكلمة، بعيدا عن المجازية، ومحاولته خلق نجوم رديئة، من عدم أو قاع المجتمع، وتصديرها للواجهة من جديد، للقيام بأدوار حراسة تجميلية، استكمالا لدورها المشبوه في تجويع أهالينا، سيصطدم حتما، مع ماهية غزة الباسلة التي نعرفها، بتاريخها وثقافتها وعنفوان عائلاتها ومخيماتها، ونوعية نخبها التي ستنهض لتقول كلمتها وتلملم شتات المعذبين، مهما طال ضجيج الصواريخ والقصف، وصوت نحيب الفقد، وصرخات أطفالنا الجوعى.
لم أكن قلقا من التهجير، لإيماني بأن قدر الله فوق كل قدر، وإذا كانت صور انهيار مشروع توزيع المساعدات الإنسانية مبهجة، فإنه تزيد غصة فوق الألف غصة التي ملأت بها الحرب قلوبنا، بكثير من الخذلان الذي أصاب شعبنا الفلسطيني في القطاع المظلوم.
لا شك لدي، بأن الله يدبر أمرا كبيرا، لتأتي هذه الصور، كي تقيم الحجة على العرب والعجم على حد سواء، ولا أعرف إن كان هناك سر في تزامن هذه الصور، مع اكتمال 600 يوم على الإبادة الجماعية، ودخولنا الليلة أيام الحج الأكبر، بيد أنني أنتظر نزول رحمة الله بغزة، التي قد يرافقها عذاب على كل من ظلم وتواطأ وخذل وأدار ظهره لتلك الأوجاع والمظالم. دون أن أملك سوى القول؛ لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.