إسرائيل مثلما هي نقطة قوة أمريكا، هي نقطة ضعف أمريكا

 

 

 

أراها حرب عالمية مصغرة حدودها عدم الانجرار إلى حرب اقليمية واسعة، إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء والتمادي باللعبة الخطيرة إلى ما هو أبعد، ما يحدث في منطقتنا يتعدانا جميعاً وفوق قدراتنا على الاستيعاب في ظل تحديات عالمية جيوسياسية وجيواقتصادية مليئة بتوترات عنيفة جداً، وتحديداً التسارع الأمريكي الإسرائيلي لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، حقق نتنياهو هدفه فمنطقة الشرق الأوسط تغيرت بشكل كبير، وكل أعداء إسرائيل قضوا تحت الأنقاض، تدمير غزة وابادة شعبها والتي تلقي بثقلها على حكومات الدول الغربية والعالم أجمع دون تحديد زمني لهدنة ووقف لإطلاق النار، تدمير لبنان، تدمير القدرات الاستراتيجية العسكرية السورية، تفكيك محور المقاومة مما جعل إيران رأسه في انحسار وتقهقر بعد فشل استراتيجيتها في سورية والمنطقة ككل، فحرب غزة غيرت وجه المنطقة وحملت تغييراً حقيقياً في موازين القوى.

إيران جزء من الاستراتيجية التي تعمل على إلغاء القطبية الأحادية، وكأن المنعطف الذي بدأ منذ الحرب الأوكرانية وانفصال روسيا عن الغرب، وشاركت فيه الصين يستكمل بإيران، هذا ما يستدعي التفكير بأعصاب باردة وعدم حرف البوصلة لمكان أخر ومرة أخرى وتفجير المنطقة وما يترتب عنه من تداعيات كارثية على الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط والذي يبدو في الوقت الحاضر ضرورة استراتيجية بالغة الأهمية في الصراع مع روسيا والصين، لاسيما بعد تمدد الصين في الشرق الأوسط وعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي مما أدى إلى تصاعد القلق بالنسبة للإدارة الأمريكية فالصين تشكل التهديد المستقبلي للنظام الدولي.

بالنظر للموقع الجيواستراتيجي الحساس لإيران بين الشرق الأقصى "وهو حلبة صراعات"، والشرق الأوسط الغني بالموارد والطاقات، فقد أكدت مكانتها كقوة سياسية وتكنولوجية وعسكرية، وشهد الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة ظهور قوي ومتجدد لإيران على المشهد العراقي والسوري واليمني واللبناني، وهناك شبه مواجهة عسكرية بين من تدعمهم إيران والقواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة، حتى كانت بمواجهة مع إسرائيل التي شكلت تحالف دول خليجية لمواجهة النفوذ الإيراني على أعقاب حرب اليمن ودعم إيران للحوثيين "وإن لم يكن علانية في بداية الأمر"، مشكلة إسرائيل مع إيران ليست فقط القدرات والسلاح النووي، إنما في طموح إيران لأن تكون قوة اقليمية مؤثرة في المنطقة منافسة لإسرائيل في مجالها الحيوي التي تريده ضعيف مسالم وتكون لإسرائيل الصدارة العسكرية والتكنولوجية، فنجدها تسعى دائماً إلى تضخيم الخطر النووي الإيراني للتملص من أي استحقاقات سياسية اتجاه القضية الفلسطينية وتغطية جرائم الابادة الجماعية الممنهجة والتجويع ضد سكان غزة، وجلب المزيد من الدعم العسكري والمالي من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

وأين إسرائيل لو لم تعطيها أمريكا مظلة عسكرية واسعة، رغم تفوقها العسكري كدولة أنتجتها المصالح الغربية لكنها أوهى من بيت العنكبوت فالصمود الأسطوري للفلسطينيين في غزة أذهلهم، بعد أن كان نتنياهو ينتظر رفع الرايات منذ الأيام الأولى للحرب، الأمر الذي لم يحصل ولن يحصل، نتنياهو لن يتوقف عن لعبته وجر أمريكا إلى مواجهات أوسع، الآن إسرائيل ماضية في تحقيق أهدافها في المنطقة وتستعد لتوجيه ضربات لإيران ضمن اولويات حرب الوجود، ادارة ترامب لا تريد التصعيد في الشرق الأوسط وحتى اللحظة لم تنجح في ذلك وليس من المتوقع أن تلتزم إسرائيل بما تتمناه عليها أمريكا، فليس هناك من ضوابط على نتنياهو لا من أمريكا ولا من أوروبا ولا من أحد في الداخل الإسرائيلي، ولكن الهاجس الأمريكي بدا واضحاً في محاولة انتشال إسرائيل من بين الأنقاض، وعجز الادارة الأمريكية في توفير شبكة أمان دولية تستند اليها إسرائيل في حروبها بعد التخلي العاطفي الغربي عنها، فإسرائيل مثلما هي نقطة قوة أمريكا، هي نقطة ضعف أمريكا.

اليوم نتنياهو خارج نطاق اللجم ونطاق الضمانات، ويستطيع أن يفعل ما يريد بهذا الوقت المستقطع، بإمكانه شن الحرب ضد إيران بمفرده، إسرائيل بحكومتها المتطرفة ليس لديها مصلحة بأي هدوء في المنطقة، تأهب عسكري إسرائيلي بأعلى درجاته لشن ضربات على المواقع الإيرانية، تدمير البرنامج النووي الإيراني "وإن كان صعب المنال" هو طموح نتنياهو ولا يتحقق الا بمباركة أمريكية، الهدف ليس تفكيك البرنامج النووي فقط، انما تفكيك الايديولوجية الإيرانية واسقاط نظامها واستهداف علمائها كونهم أكثر خطورة على الدولة العبرية من اليورانيوم، ولكن الرقص بين إسرائيل وإيران على أرضنا وإن كانتا لا تريدان توسيع نطاق الحرب، ولكن كل طرف يريد أن يوجع الآخر، إسرائيل ماضية الا ما لا نهاية في كسر محور المقاومة ونزع سلاح حزب الله والقضاء على الحوثيين، وما الذي تستطيع إسرائيل فعله أمام هذه الجبهات المفتوحة من إيران ومن اليمن، تدور إسرائيل في حلقة مفرغة وكل حروبها القريبة والبعيدة لا هدف سوى الهروب من الاستحقاق الفلسطيني ولكن إلى متى؟؟؟

إسرائيل تحاول افساد أي تقارب أمريكي إيراني وتحاول تعطيل المفاوضات، وهي المسؤولة عن وصول إيران إلى هذا المستوى من التخصيب ففي عام 2015 كان مستوى التخصيب الإيراني أقل من 4%، وكانت إيران ملتزمة بتعهداتها اتجاه وكالة الطاقة الذرية لمدة 3 سنوات، إسرائيل هي من دفعت ترمب الأول للخروج من الاتفاقية وأدى إلى ما نحن فيه الآن، اليوم عودة المفاوضات الأمريكية الإيرانية حل لفتيل التوتر في المنطقة ولو بشكل مؤقت، "يجب آلا تفشل، انتظارنا لها على صفيح ساخن"، نحن في مرحلة جس نبض وان كان يكاد يزول، يجب أن نرى نتائج هذه المفاوضات على المنطقة والتي ستأتي تباعاً وتشمل خارطة الصراع في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن.

انتهى الصمت الاستراتيجي وبدأ الصراخ والدفاع عن النفس، فكان الرد الإيراني على إسرائيل التي تمتلك أكبر جهاز استخباراتي بالعالم، امتلاك وثائق تتضمن مجموعة من الملفات حساسة جداً تتعلق بالملف النووي الإسرائيلي تلقته إسرائيل بالصمت، إيران جاهزة لكل أشكال المواجهة فالحرب ليست عسكرية أو اقتصادية انما حرب استخباراتية إيران فعلت ما تستطيع وبحسابات دقيقة ولكنها تبدو وحيدة، رغم أن التحالف الاستراتيجي بين روسيا وايران والصين بأعلى مستوياته، فروسيا بالهم الأوكراني، والصين للصين!!.

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...