مقالات مختارة

ما لا يعجب البعض، ما لا يعجب «حماس» | غسان زقطان

ببساطة ووضوح، لا ينبغي تحويل نقد حركة حماس وإدارتها السياسية في مواجهة "حملة الإبادة الجماعية" في غزة، وهو نقد محق وضروري ومشروع في معظمه، لا ينبغي استغلال هذا الحق وهذه الضرورة للذهاب نحو التماهي والتطرف في النقد، الذي في مستوى منه يكاد يكون متطابقا مع شروط وأهداف العصابة الفاشية التي تحكم وتقود إسرائيل.
ببساطة مؤلمة، لن يغير "تسليم السلاح وإبعاد الصف الأول والثاني من القادة الميدانيين وتسليم الأسرى ومنع أي قيادة فلسطينية، سواء السلطة أو (حماس) من إدارة القطاع.."، لن يغير، إن لم يعزز الهدف الذي يعلنه قادة الاحتلال وهو تصفية المشروع الوطني الفلسطيني واستكمال مخطط الإبادة والتهجير بمراحله الثلاث، غزة أولا فالضفة الغربية بدء من الشمال ثم فلسطينيي الـ 48.
هذا ينطبق أيضا على القيادة السياسية في "حماس" التي تصر على ألا تتعلم من أخطائها، لا يجلسون هناك في الدوحة ويضعون تحت المراجعة القرارات الخاطئة والأهداف الارتجالية والقفز عن فداحة المقتلة، واللغة الخشبية في خطابها عبر متحدثين، الجهل والادعاء والافتقار للحساسية الوطنية هو أقل ما يمكن وصف معظمهم به. لا يعيدون النظر في تلك الأفكار التي تسببت بأضرار وطنية بعضها كارثي بشكل مفجع، من العمليات الانتحارية في عقد التسعينيات من القرن الماضي التي ساهمت في صعود اليمين الفاشي في إسرائيل بقدر ما ساهمت في تفكيك الموقف الوطني الفلسطيني حتى في حدوده الدنيا، مرورا بالانقلاب العسكري الدموي صيف 2007، رغم أن الانتخابات منحتهم انقلابا ديمقراطيا كان بإمكان القيادة في حينه إدارة الأمر بوسائل أكثر حكمة ووطنية، ثم احتكار حكم أكثر من مليونين من أبناء شعبهم بقبضة أمنية بالغة القسوة لـ17 سنة من الحصار المزدوج، رغم أن نصفهم في الأقل يعترض على تفردهم في الحكم، هذا التفرد وإلغاء مكونات المشهد الوطني الذي لم يفارقهم ويتواصل الآن رغم فداحة المقتلة من خلال احتكارهم للقرار والحوار والتفاوض.
لا يطرحون في قيادة "حماس" السياسية السؤال الأهم في العمل الوطني والسياسي:
- لماذا حدث هذا؟ وكيف يمكن وقفه وتفادي حدوثه مرة أخرى؟ كيف يمكن استثمار التحولات في الشارع الغربي وشوارع العالم؟ هذه هي المرة الأولى التي ينكشف فيها الوجه الصهيوني المتوحش أمام العالم بهذا الوضوح، المرة الأولى التي تقف فيها إسرائيل بلا أقنعة، كيف نتجاوز كل الخلافات، وهي تافهة أمام ما يحدث، ونضع المصلحة الوطنية أولوية بلا هوامش؟

 

Loading...