منذ بداية ظهور حكاية التهجير من غزة، التي أطلقتها إدارة ترمب، وكانت إسرائيل قد عملت الكثير من أجلها قبل حربها على غزة وأثنائها، كنّا في "مسار" قاطعين في جميع معالجاتنا لهذه المسألة بحتمية فشلها، حتى أننا وصفناها على الدوام، بالعملية المستحيلة.
اليوم جاء برهانٌ على التراجع الإسرائيلي ويمكن اعتباره قاطعاً وذلك من خلال اعترافات سدنة التهجير، ومنهم سموتريتش، وإليكم ماذا نُقل عنه من مصادر إسرائيلية موثوقة.
"لا جدوى من استثمار أموالٍ أكثر مما ينبغي إذا كان الغزيون سيعودون بعد سنة، وإذا لم يؤدي هذا إلى تغيير كبيرٍ في القطاع فلا حاجة له"
أمّا بنيامين نتنياهو فقد كان أكثر تحديداً ووضوحاً في التعبير عن الفشل حيث قال " لن نستثمر مبالغ كبيرة ولكننا نعتمد على الدول التي ستستقبلهم".
أمّا وزيرة الابتكار والتكنولوجيا والعلوم، جيلا جملئيل فقد صدّرت العملية كلها إلى مصر قائلة: " إن علينا أن نقنع المصريين بأن يسمحوا للغزيين بالمرور من أراضيهم أثناء هجرتهم".
وقد ردّ عليها نتنياهو مؤكداً أن لا يوجد مجرد احتمال بموافقة مصر على ذلك، ومع إقرارٍ بأن لا دولة من دول العالم أبدت تعاوناً مع إسرائيل في أمر الهجرة.
وإذا كان تقويم سدنة التهجير على هذا النحو، وبهذه الدرجة من الاعتراف بالفشل، فلابد منطقياً من الاعتراف بفشلٍ مماثل، لمشروع التهجير من الضفة إلى الأردن، وهذا يقود إلى عدم جدوى قرار الضم لو اتخذ في تغيير ميزان القوى البشري، الذي يسجل تفوقاً فلسطينياً في السباق الديموغرافي، حيث لا حيلة لإسرائيل ضمّت أو لم تضم، على إخضاع ملايين الفلسطينيين لخططها التي لم تولد اليوم، بل هي قيد المحاولة منذ العام 1948، والعام 1967، وحتى أيامنا هذه.
في هذا السياق يتعين على إسرائيل منطقياً الإقرار بفاعلية تنامي الكثافة الشعبية الفلسطينية في المناطق التي تحتلها، والتي تفكر في ضمها والتي سبق وأن ضمتها كالقدس الشرقية، حيث الفشل الإسرائيلي المحقق في إنهاء الوجود الفلسطيني الشعبي والمؤسساتي فيها، إضافةً إلى عاملٍ آخر لا يقل أهمية عن العامل الفلسطيني، وهو الإجماع الدولي الذي بلورته الأمم المتحدة حول قيام الدولة الفلسطينية، هذا الإجماع جعل من إسرائيل وأمريكا أقلية ضئيلة في الحياة الدولية.
وإذا كانت إسرائيل نتنياهو وسموتريتش اعترفت بفشل التهجير، بعد أن حاولت إقناع العالم بأنه في متناول يدها، ما دام ترمب معها فمتى يأتي الاعتراف الأكبر والأهم بحقيقة أن لا أمن وأمان ولا استقرار ولا شرق أوسط جديد إلا بقيام الدولة الفلسطينية على أرضها ومن أجل الملايين من شعبها؟