مقالات مختارة

العدو جاء من الغرب | سليمان جودة

 

 

 

المسألة فى هجوم إسرائيل على قطر ليست فى حجم الاعتداء الذى وقع، لكن فى معناه، وهذا ما جعل عواصم الخليج تحتشد حول الدوحة كما لم تحتشد من قبل.

فلقد عاشت دول الخليج الست ترى عدوها فى الشرق، وكان العدو هو إيران بالطبع، وعاشت الدول الست تحاول ترويضه بأى طريقة. ولكن المفاجأة أن العدو جاء من الغرب، وبشكل لم يكن متوقعاً، ولا كان على الخاطر أو على البال الخليجى.

لم تكن علاقة دول الخليج بإسرائيل سيئة فى مرحلة ما قبل الحرب على غزة، فبعضها كانت له علاقات دبلوماسية واقتصادية معلنة مع تل أبيب، والبعض الآخر كان يربط إقامة مثل هذه العلاقات بالوصول إلى حل للقضية فى فلسطين، وكانت العلاقة بين الطرفين فى الإجمال جيدة أو قريبة من ذلك.

فلما وقع العدوان الإسرائيلى على الدوحة جرى خلط الأوراق كلها ببعضها البعض، وأفاقت دول الخليج على ما لم تكن تتحسب له، وأحست بأن الأمر فى حاجة كله إلى إعادة نظر وإعادة ترتيب للأوراق من جديد.. وإذا كانت القمة العربية الإسلامية المشتركة قد انعقدت سريعاً فى العاصمة القطرية، فالسرعة فى الدعوة لها ثم فى انعقادها دليل على هول المفاجأة التى استشعرتها عواصم الخليج فى الاعتداء الإسرائيلى.

إن العلاقة بين دول الخليج ليست كالعلاقة بين أى دول عربية أخرى، وما يربطها يختلف عما يربط بقية الدول العربية بعضها ببعض، وربما لهذا السبب بقى مجلس التعاون الخليجى الذى يجمعها حياً إلى اليوم، وبخلاف ما جرى لكل التجمعات الإقليمية العربية الشبيهة التى جرت بين دول عربية أخرى فى أنحاء العالم العربى.

وليس سراً أن هناك تفكيراً جاداً فى عُملة خليجية موحدة، كما أن الجمارك مرشحة للإلغاء بين الدول الست فى الأمد الزمنى المنظور.. وهكذا.. وهكذا.. فى كل الحواجز الأخرى التى يمكن أن تقف فى طريق نمو المجلس وتحويله من تعاون أو اتحاد إلى وحدة.

لم يصمد الاتحاد المغاربى فى غرب العالم العربى، ولا صمد مجلس التعاون العربى الذى قام فى شرق العالم العربى أيضاً.. ولكن مجلس التعاون الخليجى دام استمر ومرشح لأن يدوم ويستمر، ولذلك كان الاعتداء على قطر بمثابة الاعتداء على المجلس بكامله، وسوف تكون له تداعيات متنوعة فى المستقبل، وسوف يكون الأمر بعده على غير ما كان الأمر قبله.

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...