بعد أن أدّى طقوس الولاء لإسرائيل، وجدد باسم الرئيس ترمب تفويض نتنياهو، بمواصلة الحرب على غزة، طالباً منه الإسراع في حسمها، يتوجه إلى الدوحة عاصمة القمة العربية الإسلامية الأخيرة، وعاصمة الوساطة بين حماس وإسرائيل، وقبل ذلك العاصمة التي تعرضت لعدوانٍ مباشرٍ كان هدفه نسف الوساطة من أساسها، بقتل المفاوضين في عمليةٍ لم يشهد تاريخ المفاوضات والوساطات مثيلاً لها.
دولة قطر التي تزن مواقفها بميزانٍ عمليٍ دقيق، استبقت زيارة روبيو، بإظهار استعدادها للعودة إلى مسار المفاوضات والصفقات، وذلك تفادياً لفراغٍ سيستفيد منه نتنياهو في مواصلته للحرب.
قبل إقلاع طائرته من إسرائيل إلى قطر دخلت عملية عربات جدعون 2 مرحلة هي الأشرس والأفدح على مدى حرب السنتين، وغرض نتنياهو من هذا التزامن ليس تحسين وضعه في مفاوضاتٍ محتملةٍ مع حماس، وإنما لفرض أمر واقع على الجميع، قوامه تصعيد العمل العسكري الذي يؤدي إلى استسلام حماس وليس إلى تسويةٍ معها.
الوسطاء القطريون والمصريون يدركون جيداً أجندة نتنياهو الحقيقية، لهذا بات ضرورياً أن يضعا شروطاً على شريكهم الأمريكي لاستئناف جهودهم، إذ ما جدوى هذه الجهود ما دامت عربات جدعون 2 تعمل بشراسة أشد من كل ما سبق، وما دام كل يوم يمر يحصد مئات الأرواح ويدمر ما تبقى من مبانٍ في مدينة غزة ومخيماتها.
الوسطاء العرب انتقدوا علناً شريكهم الأمريكي في الوساطة لتذبذبه وامتناعه عن ممارسة ضغطٍ على إسرائيل لقبول المقترحات التي صاغتها أصلاً وحمّلتها للمبعوث الأمريكي، فهل يضعون شروطاً لاستئناف جهدهم وهم أدرى بماهية هذه الشروط؟ أم ستدخل المفاوضات متاهةً جديدةً بينما عربات جدعون تواصل العمل نحو أهداف نتنياهو الخمسة؟