مقالات مختارة

ترامب حوّل نتنياهو موظفاً تنفيذياً! | نحمايا شتراسلر

 

 

 

تتسع قائمة إخفاقات بنيامين نتنياهو، يوماً بعد يوم. لقد بدأت هذه القائمة بمسؤوليته العليا عن "مجزرة" السابع من تشرين الأول، وتفاقمت بسبب فشله في حسم المعركة ضد "حماس" خلال الحرب التي طالت أكثر من اللازم، وتستمر الآن في تحوُّلنا إلى دولة تابعة للولايات المتحدة. فالقرارات تُتخذ في واشنطن، ولم يبقَ هنا سوى التنفيذ.
عندما سُئل نائب الرئيس، جي دي فانس عن ذلك، في مؤتمر صحافي، أجاب: "إن إسرائيل ليست دولة تابعة." لكن يمكن فهم الإثبات من خلال النفي، فمجرد استخدام كلمة "تابعة" يرسّخ هذا الوعي، ويذكّر بأسلوب الخطاب الذي يلجأ إليه مَن يريد الإساءة إلى شخص ما بطريقة أنيقة: "لا أريد أن أقول إنه غبي، ولكن...".
إن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة ليس جديداً، فهو قائم منذ ما يقارب الستين عاماً. ففي سنة 1967، فرضت فرنسا حظراً على تزويد إسرائيل بالسلاح وتوقفت عن تسليم طائرات "الميراج"، فتولّت الولايات المتحدة هذا الدور، وأصبحت المورّد الرئيسي للسلاح إلى الجيش الإسرائيلي. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المسؤولة عن قوة الجيش وجودته، وهي أيضاً تشارك إسرائيل في أسرار استخباراتية وابتكارات علمية، وتقدم لها دعماً اقتصادياً عند الحاجة. أمّا المنح العسكرية، التي تبلغ 3.8 مليارات دولار في سنة عادية، فقفزت إلى 23 ملياراً في الحرب الجارية.
ومع ذلك، تمكّن جميع رؤساء الحكومات السابقين من الحفاظ على استقلالهم في القضايا المصيرية، إلى أن جاء نتنياهو. ففي ظل إدارته الفاشلة، تحوّلنا إلى دولة تابعة لا تستطيع اتخاذ أي قرار في القضايا الحاسمة. لم نعد قادرين حتى على مهاجمة خلية مسلحة في غزة من دون الحصول مسبقاً على موافقة من "المفوض السامي".
قرر دونالد ترامب انتزاع السيادة من نتنياهو، مباشرةً بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لقيادات من "حماس" في قطر، فقد أدرك أن نتنياهو يريد مواصلة الحرب إلى ما لا نهاية، ففرض عليه اتفاق وقف إطلاق النار. وعندما تبين له أن "بيبي" لا يريد المضي في المرحلة الثانية من الاتفاق، أرسل جسراً جوياً من كبار مسؤولي إدارته للإشراف على "المحتال" عن قُرب.
ولم يتردد ترامب في إهانة نتنياهو علناً. فأجبره على إعادة طائرات الهجوم وهي فوق أجواء طهران، وفرض عليه الاعتذار علناً من أمير قطر. وفي مقابلة مع مجلة "تايم"، قال إنه لولا تدخّله "لَواصل بيبي الحرب أعواماً". أمّا عن حلم نتنياهو بضم أراضٍ في الضفة الغربية، فقال بفظاظة: "هذا لن يحدث، لقد أعطيت كلمتي للدول العربية... وإن حدث ذلك، فستفقد إسرائيل كل دعمها من الولايات المتحدة."
لاحقاً، عندما صوّت الكنيست بالقراءة التمهيدية على فرض السيادة على الضفة الغربية، أجبر ترامب نتنياهو على إعلان تجميد العملية التشريعية، وعلّق فانس، قائلاً: "إذا أراد الناس إجراء تصويت رمزي، فليكن،" في تعبير عن أقصى درجات الاحتقار للبرلمان الإسرائيلي، وهو موقف لا يُتخذ إلّا تجاه دولة تابعة غير مستقلة.
قيل لنتنياهو مراراً، وعلى مدى عامين، إنه إذا لم يبلور حلاً سياسياً في غزة، فسيُفرض عليه حل قسري، لكن كعادته، لم يبادر إلى أي شيء. كان يظن أنه بذلك يمنع دخول السلطة الفلسطينية ومصر إلى غزة، لكنه سيجد الآن هناك قطر وتركيا، إلى جانب السلطة ومصر. وهذا كله بينما تزداد قوة "حماس"، يوماً بعد يوم، ولا تفكر مطلقاً في نزع سلاحها.
وإن لم نكن قد نلنا ما يكفي من الإهانات، أعلن ترامب في مقابلة صحافية أنه يدرس التدخل في قضية داخلية صِرف، وهي الإفراج عن مروان البرغوثي من السجن. وقال إنه أجرى نقاشات في الموضوع، وأضاف: "سأتخذ قراراً".
إننا تحوّلنا في عهد نتنياهو من دولة مستقلة إلى دولة تابعة. لقد أنشأ ترامب لجنة مكلّفة إدارة إسرائيل، ووضع نفسه على رأسها، وتحوّل نتنياهو من رئيس حكومة إلى موظف تنفيذي. والمفوض السامي، الذي كان في الماضي بريطانياً، أصبح اليوم أميركياً.

عن "هآرتس"

 

 

 

 

Loading...