
لم يُعلن رسمياً بعد عن اللقاء المقرر أن يجمع الرئيس ترمب بنتنياهو، ولكن قناة إسرائيل 24 أفادت بأن اللقاء سيعقد في ولاية فلوريدا بتاريخ 26/12 الجاري.
ما الذي سيجري في هذا اللقاء؟ لا أحد يعرف، ذلك نظراً لطول المسافة الزمنية بين اليوم واليوم الذي سيلتقيان فيه، خصوصاً وأن الوضع على جبهات الشرق الأوسط يتراوح بين تهدئةٍ هشّة واشتعالاتٍ يجري التهديد بها، ووضعٌ كهذا يحمل مفاجآتٍ لا يرغب الرئيس ترمب بها، إذا ما بلغت المستوى الذي يعيق الانتقال إلى المرحلة الثانية، المتعثرة خلف جثةٍ ما تزال في غزة، مع غموضٍ لم ينجلي بعد حول الدول المشاركة في ترتيبات المرحلة الثانية، ومهامها وأمورٍ أخرى متصلةٍ بها.
غير أن ما يجدر الحديث عنه في هذا الشأن هو ما الذي يريده ترمب من نتنياهو؟
يعرف الرئيس الأمريكي جيداً مكانة نتنياهو ودوره في خططه الشرق أوسطية، وتحديداً في الملفات الثلاث التي تكوّن المشهد الساخن في الشرق الأوسط وهي السوري واللبناني والغزي.
في الملف السوري يريد ترمب من نتنياهو مزيداً من الانضباط للخطط الأمريكية بعد أن بالغ في إظهار مطامعه بتوسيع المنطقة العازلة لتصل من قمة جبل الشيخ إلى أبواب دمشق، ما كان سبباً في انهيار المحادثات الأمنية بين الجانبين، التي أمّل الأمريكيون بأن يكون نجاحها ممهداً للدخول في تطبيعٍ سياسيٍ بين الجانبين.
وفي الملف اللبناني حيث الإلحاح الأمريكي على إغلاقه، وحيث التصعيد الإسرائيلي الميداني والتهديد اليومي بتوسيع نطاقه، بما يمكن أن يؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار الهش، وانهيار الجهود اللبنانية لفرض سيادة الدولة، بتجريد حزب الله من السلاح، وما يُلفت النظر في هذا المشهد، هو اللقاء الذي وصف بالتاريخي أمس بين مدنيين لبنانيين رسميين ونظراء إسرائيليين في الناقورة.
والملف الغزي الذي شاءت أقدراه أن يكون مركز مبادرة ترمب لإنهاء الحرب، والانتقال إلى معالجةٍ أوسع لمشكلات الشرق الأوسط وفق مشروعه الذي تحوّل إلى قرارٍ لمجلس الأمن، ومع إعلان ترمب بأن الانتقال إلى المرحلة الثانية بات وشيكاً فإن تقيّد نتنياهو بحرفية الترتيبات الأمريكية صار أكثر إلحاحاً من كل ما سبق، ذلك أن المرحلة الثانية الأكثر صعوبةً وتعقيداً تحتاج إلى التزامٍ اسرائيليٍ أكثر دقةٍ بالسيناريوهات الأمريكية، بعد أن بالغ نتنياهو بالتنكيل في المرحلة الأولى ما أدّى إلى وقوفها على حافة الانهيار الشامل، والعودة إلى نقطة الصفر.
ترمب يعتبر نتنياهو أكثر من حليف، وهو المفضّل عنده من أي بديلٍ إسرائيليٍ راهنٍ ومحتمل، على الأقل خلال السنة التي تبقت له في الحكم، قبل دخوله في معمعة الانتخابات الغامضة النتائج، لهذا يفعل ترمب المستحيل لإنقاذ نتنياهو من مقصلة القضاء بما في ذلك طلبه رسمياً وخطّياً من رئيس الدولة العبرية العفو عنه، كي يمارس شراكته معه من موقعٍ مريح، ومع ذلك فإن انضباط نتنياهو بحرفية ما يريده ترمب والذي لم يكن دقيقاً في الفترة السابقة، يظلّ أحد الأهداف من وراء الزيارة الخامسة التي سبقها عشرات اللقاءات والاتصالات الهاتفية.
مبادرة ترمب إن نجحت باستكمال بنودها بما يريد الوسطاء والشركاء، فلنتنياهو دورٌ في ذلك، وإن فشلت فهو السبب الرئيس لذلك.