مقالات مختارة

قطر تسعى لهدم العلاقات الإسرائيلية مع إدارة ترامب | نداف ايال

بالتزامن مع حملة يُشتبه بوقوف روسيا والصين خلفها

نشكّ في أن القطريين اتخذوا قراراً جوهرياً، قال لي مصدر إسرائيل كبير وعليم، "لمحاولة هدم علاقات إسرائيل مع إدارة ترامب من الأساس. التخريب. هم في جهاد". في الدوحة، منح رئيس الوزراء القطري، محمد آل ثاني، هذا الأسبوع، مقابلة لرجل اليمين الأميركي، تاكر كارلسون، الذي قال، إن "الصهيونية هي عدو الحضارة الغربية". بدا رئيس الوزراء هادئا للغاية؛ فإذا أطلق حملة هدم، فالحديث سيكون مرتباً بعناية.
تحدث الزعيم القطري عن تحويل الأموال لـ"حماس" على مدى سنين بدعم من حكومات في إسرائيل، "الموساد"، و"الشاباك"، ومن الإدارات في واشنطن. واحتلت هذه الأقوال عناوين رئيسة في البلاد. أما التصريح المقلق فهو أن قطر لن تدفع من أجل إعادة إعمار غزة؛ لأنها "لن تبني من جديد ما دمرته إسرائيل". وكان آل ثاني قضى قبل ذلك "بأننا نعتبر ما يحصل كوقف نار"، فوقف النار لن يستكمل حتى انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع. يمنح هذا القول ظاهرا شرعية لاستئناف هجمات "حماس" على الجيش الإسرائيلي في القطاع. في وقت لاحق، خفف ناطق قطري حدة أقوال رئيس حكومته حول إعمار القطاع، وأوضح أنه قصد فقط أن قطر "لن تمول وحدها" إعمار غزة، لكنها مستعدة لتفعل هذا مع دول أخرى. هذا إيضاح غريب: تغيير 180 درجة. لعل أحداً ما تلقى مكالمة من واشنطن.
يوم الأحد، عقد في نيويورك لقاء استثنائي شارك فيه مبعوث الرئيس، ستيف ويتكوف، ورئيس "الموساد" دادي برنياع، ومسؤول قطري. زميلي باراك رابيد هو من نشر عن انعقاد اللقاء وموضوعه. خلفية اللقاء هي المكالمة
الهاتفية الشهيرة في البيت الأبيض بين رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الوزراء القطري، التي اعتذر فيها نتنياهو عن الهجوم الفاشل في الدوحة. كجزء من الاتفاق، فرض الأميركيون آلية ثلاثية "للتنسيق" و"تخفيف التوترات" بين الدولتين. وكان هذا هو اللقاء الأول.
ما الذي طرحه الإسرائيليون؟ لم تدلِ مصادر رسمية بأي تفاصيل. يمكن التقدير بذكاء ماذا كانت المواضيع.
قبل أكثر من شهر، استُبدل محررون ووُضعت قيادة عليا لـ"الجزيرة". وكان الأمل أن هكذا يخف الخط التحريري الهجومي ضد إسرائيل، ذاك الذي ينتج بتمويل الدولة القطرية في أرجاء العالم الإسلامي. لم يحصل هذا. ففي هذا الأسبوع فقط، اشتكت محافل إسرائيلية من تغطية زائدة لـ"الجزيرة" لمواطنين سوريين يدعون إلى الجهاد ضد إسرائيل (في الوقت الذي تحاول فيه الدولتان الوصول إلى اتفاق امني). التغطية في "الجزيرة" ذات مغزى استراتيجي لمكانة إسرائيل في المنطقة.
موضوع آخر هو وجود مسؤولي "حماس" في قطر. تتمتع الدوحة، الآن، بضمانة حماية رسمية من الولايات المتحدة، وهي واثقة بأنها حققت ذلك من الرئيس ترامب بعد الهجوم الإسرائيلي. بالتوازي، تواصل استضافة قادة "حماس". وهم عمليا يتمتعون بحصانة مطلقة. هذا تطور يمكنه أن يجعل الدوحة مدينة لجوء رسمية لكل "إرهابي" يستهدف إسرائيل في أرجاء العالم. وكما يقول وزراء في حكومة إسرائيل، صباح مساء، فإن إسرائيل تريد طرد قادة "حماس". هذه هي المرحلة الأولى. في المرحلة الثانية، أعلن السياسيون بأنه يجب تصفيتهم، إلى جانب كل مخططي 7 تشرين الأول.
من المشكوك فيه أن توافق الدوحة، وعلى أي حال توجد للقطريين أيضا قائمة مطالب. هم في ذروة عصرهم الذهبي مع واشنطن؛ يوجد التزام رئاسي بحمايتهم، واتفاقات تعاون مع الـ"اف.بي.آي" وقعت، هذا الأسبوع، وصفقات كبرى واستثمارات في الولايات المتحدة، والاهم أنه توجد لغة مشتركة مع الرئيس. هم لا يريدون أن تفوت هذه اللحظة أو تدمر بسبب خصومة مع إسرائيل، ولا يستخفون بنفوذ الأخيرة في العاصمة الأميركية. القطريون "في حالة فزع" على حد قول مصدر أميركي (ليس من الإدارة لكنه على صلة قريبة بها) من الطريقة التي يواجهونها في الرد السياسي المضاد في أرجاء الولايات المتحدة، ومن الطريقة التي "وصم" بها اسمهم على حد رأيهم. هذه ضربة جذرية لاستراتيجية الدولة في أن تلعب في كل الملاعب. أن تمد اليد للغرب، وبالتوازي للإسلاميين. تحظى قطر بنفوذ في الولايات المتحدة، لكنها تعرف أن هذا لا يستند إلى تأييد الجمهور الأميركي. فلا يتلقى أي عضو كونغرس مكالمات هاتفية صاخبة من ناخبين أميركيين يطالبونه بمساعدة قطر. لكن كثيرين منهم يتلقون مكالمات كهذه من مواطنين أميركيين يؤيدون ويحبون إسرائيل. لكنّ لقطر ذخرا آخر مهما جدا: يوجد لهم مال كثير.
سألت بريان كاتوليس، باحث كبير في معهد MEI في واشنطن وخبير في شؤون الخليج والسعودية، ما هي استراتيجية قطر؟ فذكر صدمتها من النزاع العلني مع جيرانها قبل أقل من عقد: "ستواصل قطر التطلع إلى إقامة علاقات جيدة مع اكبر قدر ممكن من اللاعبين المحتملين على مدى الطيف، مع ميل ما أو تفضيل للإسلام السياسي. لكن المقاطعة التي فرضت عليها في الأعوام 2017 – 2020 جعلتها اكثر تخوفا من تفويض الصلاحيات والشرعية من شركاء إقليميين مركزيين".

من في الخلف
موضوع آخر ينشغل فيه المستوى السياسي في إسرائيل بكثافة هو حملة اللاسامية واللاإسرائيلية في الشبكات الاجتماعية مثلما أيضا في الحرم الجامعي في أرجاء الغرب. ليس لدى إسرائيل يقين بأن الدوحة تقف من خلفها، لكن الموضوع يقلق إسرائيل جدا. فقد استثمرت إسرائيل مالا طائلا في التعليم العالي في الغرب. ويمكن التخمين بأن الإسرائيليين قالوا للقطريين: "إذا كان هذا انتم، في النهاية سنعرف إذا كان هذا انتم، توقفوا".
من الجدير التوقف عن هذا الموضوع. فهو أوسع من القصة القطرية. في الحكم في إسرائيل يشخصون جهداً واسعاً، عالمياً ومصطنعاً بالأساس لتعظيم الضغينة والكراهية تجاه إسرائيليين ويهود صهاينة. والتشديد هو على كلمة "مصطنع". مهنيون، مقتنعون بأن مصادر سياسية فقط، مع منظمات تأثير كبيرة بمرافقة أجهزة استخبارات، أو عدد من شركات النفوذ الخاصة التي اشترتها دولة، قادرون على تنفيذ الأعمال التي تجري في أرجاء العالم بالشكل الذي يبدو منسقا ومتزامنا. الحملة منسقة وليس فقط حسابات وهمية على الشبكة. بل أيضا تفعيل لشخصيات أساسية ضد إسرائيل. المشبوهات الفوريات هن قطر و/أو جهات أخرى في العالم العربي، روسيا، أو حتى الصين. لكن هذا كله ينتشر في العالم ومتزامن، ويتسبب بضرر شديد لإسرائيل. لا حاجة للتقليل من أهمية "الحملة"، بقدر ما توجد حملة كهذه. ينبع معظم الضرر من أسباب أبسط بكثير: الحرب في غزة جرّت تدميراً هائلاً في القطاع، وموتاً جماعياً لمواطنين فلسطينيين. هذا موضوع يصعب شرحه حتى بدون حملة مصطنعة ودولية.

عن "يديعوت"

 

Loading...