مقالات مختارة

المصالح المتضاربة بين ترامب ونتنياهو | ناحوم برنياع

 

 

 

 

في الأسبوع الأخير من السنة الميلادية فإن ميامي في أفضل حالها: في مدن الشمال برد قارس، ظلام، ثلج يتحول طيناً لزجاً ورطباً. 
في ميامي شمس ذهبية تشرق، وتتراوح درجة الحرارة بين 20 و 25، وتبحر اليخوت ببطء، مثل البجعات البيضاء، لتعرض ثراء واضحاً غير قابل للتحقق، ومتقاعدون يلعبون الغولف، يتمددون بجموعهم على أطراف برك السباحة في منتجعاتهم المحمية، بالقمصان الملونة والسراويل القصيرة وهم يحملون كأس كوكتيل مستظلين تحت مظلة ووجوههم نحو الشمس. ينزل يهود إلى ميامي كي يكتسوا ببعض اللون.
ينقسم السكان في ميامي إلى قسمين: من يستجم، ومن يخدمهم ويخدم المستجمين. ميامي لا تستدعي عملاً.
سيلتقي نتنياهو هناك دونالد ترامب. بالإجمال لقاءات رؤساء وزراء إسرائيليين برؤساء تفتح لوسائل الإعلام في الساعة الثامنة والربع مساء حسب توقيت إسرائيل. يبث الثناء المتبادل للمشاهدين في البلاد، في ذروة المشاهدة. 
اختار ترامب، هذه المرة، ألا يقدم لنتنياهو هذه الخدمة. 
سيتم اللقاء قريباً من منتصف الليل، حسب توقيتنا، حين تكون معظم قاعدته غارقة في النوم. 
فهل هذا مؤشر؟ لدى ترامب من الصعب أن نعرف. يحتمل ألا يكون راق له أن يقطع مباراة الغولف خاصته في منتصفها. توجد أمور أكثر أهمية في الحياة من الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط.
أربع منظومات مصالح ستلتقي على طرفي الطاولة: منظومة مصالح أميركية ومنظومة مصالح إسرائيلية. مصالح شخصية لترامب ومصالح شخصية لنتنياهو. مصالح كل واحدة من الدولتين واضحة: الولايات المتحدة معنية بإنهاء الحروب في المنطقة بما في ذلك إيران، وإعادة الحدود إلى حالها في 7 تشرين الأول 2023 والدفع قدماً باتفاقات تملي على المنطقة استقراراً تحت قيادتها، أما إسرائيل فمعنية بنزع سلاح «حماس» و»حزب الله»، وإملاء سياسة للحكومة والجيش في سورية ولبنان وكبح إعادة بناء القدرات العسكرية لإيران.
تنصب المصلحة الشخصية لترامب على تحقيق أجندة الدول القريبة إلى قلبه وجيبه: السعودية، قطر، تركيا، وهي تسبق إسرائيل. 
جد مهمة له السرعة والمظهر. إنجازاته يسعى ليحصل عليها نقداً وعلى الفور. ليس بالائتمان، ففتيله قصير.
توجد أيضا لنتنياهو منظومة مصالح شخصية. في غزة يصعب عليه الانتقال إلى المرحلة الثانية. فالتقدم إلى المرحلة التالية حين يكون ضحية إسرائيلي لا يزال مدفوناً في غزة يتعارض والالتزام الذي قطعه للإسرائيليين. 
من الأهم من ناحيته أن الانتقال إلى المرحلة الثانية يقوم بالضرورة على مشاركة جهة فلسطينية في الحكم هناك. وهذا سيبدو دخولاً للسلطة: لا توجد جهة ثالثة. ونزع السلاح سيكون بطيئاً وجزئياً، ليس كما تعهد بعمله. وسيتعين على سموتريتش وبن غفير أن يردا، وموعد الانتخابات سيقدم.
كل مسألة تلمس في سياق غزة تؤدي إلى مواجهة بينهم، من تفكيك «حماس»، مروراً بانخراط قطر وتركيا وحتى مشاركة أبو مازن والسلطة. 
يكسر ترامب الأمر على نتنياهو: أبو مازن، الذي التقى، الأسبوع الماضي، وفد «برلمان السلام»، مجموعة من النواب السابقين من كتل اليسار، روى لهم بأنه تلقى قبل بضعة أيام رسالة حارة ومتعاطفة بتوقيع ترامب.
ثمة صعوبة مشابهة توجد أيضاً في النقاش حول سورية: يراهن ترامب على أردوغان، الذي يراهن على الشرع، ويسعى نتنياهو لأن يستخدم الفيتو على كليهما. يدفع ترامب نحو اتفاق أمني جديد، وتوسيع لاتفاق 2014، ويبقي إسرائيل في هضبة الجولان، ولكن يجبرها على التخلي عن المناطق التي استولت عليها خلف الحدود. 
لا يريد نتنياهو أن يدفع ثمناً سياسياً وأمنياً على الانسحاب من سورية. 
وهو سيجد لدى ترامب تعاطفاً مع أعمال إسرائيل ضد «حزب الله»، لكنه لن يجد تأييداً لتوسيع القتال هناك.حكومة لبنان الحالية تعمل تحت رعاية أميركية.
إيران موضوع أكثر ربحاً: توقع ترامب بأنه بعد الهجوم الإسرائيلي الأميركي سيستجيب النظام الإيراني لدعوته ويشرع بالمفاوضات. 
وعندما لم تأتِ البشرى من طهران انتقل ترامب إلى التهديدات.
نتنياهو وترامب، على حد سواء، يوجدان في بداية سنة انتخابات (انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني قد تجعل ترامب أوزة عرجاء في السنتين التاليتين). في حالة نتنياهو فإن سحابة الانتخابات تجذب إلى خطوات عسكرية، وتبعد خطوات دبلوماسية، في حالة ترامب الميل معاكس؛ فهو يتطلع إلى احتفالات سلام، وليس إلى طبول حرب.
العملية الفاشلة في قطر والإحباطات المركزة والتسويف في غزة أبعدت عن نتنياهو جارد كوشنير وستيف ويتكوف، الشخصين الأقرب إلى أذن ترامب فيما يتعلق بالشرق الأوسط. 
ليس له من يستند إليه إلا ترامب نفسه. توجد هناك محبة أساسية، شخصية واستعداد للانصات. لكن ترامب ليس من الزعماء الذين يدعون المحبة الشخصية تقف في طريقهم. 
فقد سبق أن خان في حياته أقرب الأصدقاء. يوم الأربعاء في منتصف الليل بتوقيت ميامي، سيحتفل ترامب ونتنياهو بحلول العام الجديد. Happy new year سيتمنيان لنفسيهما، لكن عميقاً في القلب سيعرفان كم هي هذه الأمنية هشة. 
إذا ما كان هذا العام عام خير لترامب فليس مؤكداً أن يكون هذا عام خير لنتنياهو، وإذا كان هذا عام خير لنتنياهو فليس مؤكداً أن يكون هذا عام خير لترامب.

عن «يديعوت»

 

 

 

 

Loading...