في لحظة ازدحام مروري على الكورنيش البحري لمدينة صيدا، تم اغتيال المسؤول العسكري لحركة حماس في لبنان محمد شاهين يوم السابع عشر من الشهر الجاري.
هذا الاستهداف يدل على فشل قيادة حماس في معالجة التفوق الاستخباري الإسرائيلي وفشلها في حماية قادتها أولاً، فضلاً عن المحيطين بهم من مدنيّين أبرياء. كما يدلّنا أيضاً على إصرار إسرائيل في متابعة عمليات الاغتيال للقادة الجدد الذين يتوّلون المسؤوليات العسكرية والأمنية بصفتهم بدلاء.
وإذا كان السلوك الإسرائيلي هذا مسلّماً به في أرض فلسطين فإنّ على قيادة حماس ألّا تعتبره كذلك على أرض لبنان فهي ليست جغرافية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولا يحقّ لأي قيادة فصائليّة أن تمارس ما تشاء في البلد المضيف لمجتمع اللجوء الفلسطيني في لبنان أو غيره.
لقد ساهمت حركة حماس في الجهد العسكري في حرب المساندة من الجنوب اللبناني كما أطلقت تنظيماً مسلّحاً رديف تحت عنوان "طلائع طوفان الأقصى" في لحظة نشوة عسكرية وسياسيّة لكنّها أدركت بالتجربة الملموسة فداحة الخطأ في تقدير الموقف وقتذاك وحجم الخسائر البشريّة والسياسيّة التي لحقت بالفلسطينيّين واللبنانيّين معاً.
واليوم، حيث يشهد لبنان المجتمع والدولة تحوّلات عميقة صاغها العهد الجديد في "خطاب القسم " وفي "البيان الوزاري" أيضاً فمن المنطقي والواجب مطالبة حركة حماس بالمبادرة إلى إعلان دعمها وتأييدها للعهد الجديد وأن تعلن بجرأة وشجاعة استعدادها لتسليم سلاحها وعَتادها للجيش اللبناني كبادرة حسن نيّة تحمي من خلالها البلد المضيف ومجتمع اللجوء الفلسطيني فيه. خاصّةً وأن تصريحات قادتها في الخارج تتقاطع عند عبارتين الأولى تفيد بأنّ قيادة الحركة لا ترغب بالعودة إلى القتال ونقض الهدنة في غزّة والعبارة الثانية أنّها على استعداد للتّخلي عن حكم قطاع غزّة لصالح السلطة الفلسطينيّة الشرعيّة.
فإذا كان الموقف في فلسطين يتّجه تدريجياً إلى ما تقدّم ذكره من سياسات فمن الطبيعي والمنطقي أن نطالب حركة حماس في لبنان الانضباط مجدّداً لموجبات العلاقة بين الشرعيّة الفلسطينيّة والشرعيّة اللبنانيّة. حيث شهدنا مؤخّراً كيف سقطت الذرائع التي طالما استُخدِمَت لتبرير وجود القواعد العسكريّة خارج المخيّمات لِما يسمّى بالسلاح الفلسطيني وهو في الواقع سلاحٌ رعاهُ نظام الأسد الأب والابن ومن جهةٍ أخرى نشهد أيضاً على قبول حزب الله تنفيذ القرار 1701 بموجباته الجديدة التي جعلت أي جهد عسكري من الأراضي اللبنانية يسبّب الضرر والأذى للشعب اللبناني ودولته، لذا على حركة حماس أن تبادر إلى إعلان صريح وواضح يُنهي حِقبةً و يؤسّس لوحدة موقف فصائلي خلف الشرعيّة الفلسطينيّة ويلتزم بالتّفاهمات والسّياسات التي أقرّتها الشرعيّتين منذ عام 2005 ولخّصتها وثيقة "إعلان فلسطين في لبنان" و قد جاء في بنده الثاني (نعلن التزامنا الكامل، بلا تحفّظ، سيادة لبنان و استقلاله، في ظل الشرعية اللبنانية بجميع مكوّناتها التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة ومن دون أي تدخّل في شؤونه الداخليّة) كما جاء في بنده الرابع ( نعلن أنّ السلاح الفلسطيني في لبنان ينبغي أن يخضع لسيادة الدولة اللبنانيّة وقوانينها وفقاً لمقتضيات الأمن الوطني اللبناني الذي تُعرّفه وترعاه السلطات الشرعيّة).
فهل تستجيب حركة حماس لهذه اللحظة الراهنة استجابة سياسيّة سليمة؟ أم تستمرّ بالهرب إلى الأمام!! حيث لم يعد هناك أمام!! سِوى الشرعيّتين اللبنانيّة والفلسطينيّة.