في حقبة ازدهار أوسلو ثم انهيارها، انشغلنا بحكاية التنسيق الأمني، بعضنا طالب بإلغائه لكونه يغطي الاحتياجات الإسرائيلية بغشاءٍ رقيقٍ يظهر كما لو أن ما تفعله يتم برضىً فلسطيني.
والبعض الآخر تمسك به كونه آخر خيطٍ تبقى من نسيج أوسلو المهترئ، وهو كذلك وهذا ما يهم السلطة، أنه صناعة أمريكية تقدم بعض تسهيلات لقوى الأمن الفلسطينية.
مصادر إسرائيلية تحدثت عن تفكير أمريكي بخفض مستوى الرعاية للتنسيق الأمني من خلال خفض رتبة ومهمة المنسق، وقد يتطور الأمر إلى إلغاء المهمة بما يعني قطع آخر خيط من خيوط العلاقة الأمنية التي ترعاها أمريكا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا يعني أمريكياً تسليم الأمر كله رسمياً للإسرائيليين وحدهم، يقررون في أمر تنفيذه ما يشاؤون.
منذ مدة لم يكن قد بقي من التنسيق الأمني سوى الاختلاف الفلسطيني عليه، وها هو يأتي الوقت الذي تعفينا فيه أمريكا وإسرائيل من هذا الاختلاف، فهي حين تتحدث عن خفض مستوى التنسيق الأمني والدور الأمريكي فيه فهي بذلك تتقدم خطوات فعالة لإلغائه رسميا، بعد أن ألغته إسرائيل عملياً.
التنسيق الأمني الذي اقتتلنا حوله وما نزال، لم يعد له لزوم، وأصبح من كل النواحي "دقة قديمة" لم تعد إسرائيل بحاجة لا له ولا لغطائه، ما دامت كل مناطق الضفة التي وجد أساساً من أجلها، مستباحةً برضىً أمريكي وتغاضٍ دولي، وعجز فلسطيني رسمي عن المواجهة.
إلغاء التنسيق الأمني من الجانب الأمريكي والإسرائيلي، يمكن أن يُفهم منه أنه تهيئة الطريق إن لم يكن إلى الضم فإلى تعميق وتوسيع السيطرة الإسرائيلية برضىً أمريكي على الضفة.