ذكرى النكبة الفلسطينية (1948- 2025) "الفلسطينيون يموتون.. لكنهم يقومون"

1948 - 2025

                         

بلغ اليأس والاحباط مداه عند الشعب الفلسطيني، الكل يعلم أن مصيرنا كشعب موضوع الآن على الطاولة، وشخصياً أتوقع ما هو أشد هولاً مما شهدنا منذ 1948، نحن أمام نكبة أكثر مأساوية من نكبة 48، حصار بري، حصار بحري، حصار جوي، زنزانة، "والعرب شركاء في الحصار"، والتهديد بتحويل غزة إلى مقبرة،عمليات اقتلاع وتهجير لن يبقى فلسطينياً في غزة ولا الضفة، والوجهة مصر، والأردن أو، أو؟؟، فترمب أدرى بمصلحتنا!!، ونتنياهو يتوعد بتحقيق النصر المطلق، ناسفاً كل الاتفاقيات والمناشدات بإيقاف الحرب، أبعد بكثير من أن يكون ثأر برابرة، إسرائيل قامت بالدم، وتقوم بالدم، كيف لنا أن نراهن على ولادة دولة فلسطينية على يد من صنع القاتل والقتيل، بقنابل من سقط الالاف من الفلسطينيين، ومازلنا نراهن على الوسيط الأمريكي بعد كل التجارب!!.

ومازالت النكبة الفلسطينية ذكرى يستقبلها الفلسطينيين في الخامس عشر من أيار من كل عام, هذا اليوم بوصفه عنواناً لمأساتهم الوطنية والإنسانية والأخلاقية, كما ويجددون سنوياً ومنذ عام 1948 في هذه المناسبة الأليمة تحديداً, رفضهم لعمليات الاقتلاع والتهجير والتشريد التي لحقت بالشعب الفلسطيني, لما تمثله هذه النكبة من كارثة بحق شعب اقتلع من أرضه، واستولت على أجزاء كبيرة من وطنه عصابات متطرفة، جاليات موزعة في أصقاع الأرض التقوا على "أرض الميعاد"، ليكَونوا أمة يهودية، وقيام دولة، إسرائيل فرضت بالقوة لتكون على أرض فلسطين كما فرضت بالقوة على المنظمات الدولية، ترتيب المؤسسات الدولية واستغلال نتائج الحرب العالمية الثانية، نجم عنها حقيقتان تأسيس دولة على أنقاض دولة أخرى، وحرمان شعب من ممارسة حقه في الاستقلال وإقامة دولته.

"دولة إسرائيل" أعلنها بن غوريون رسمياً في 14/5/ 1948، تخص اليهود فقط لم ترسم لها حدود وتفتقد لدستور، غياب الدستور تفقد الدولة أحد أركانها التكوينية، وفي غياب الدستور غابت حدود هذا الكيان، ما حاجته للدستور طالما أساطيل وجيوش حلفائه تدافع عنه، إسرائيل التي وُجدت بفضل المجتمع الدولي وجدت نفسها في محيط لا تنتمي إليه، تسن وتشرع مع ما يتناسب مع مصالحها وبقائها، تعيش تناقضات واضطرابات داخلية تهدد وجودها، وحالة قلق دائم حول ديمومتها وهويتها ومكانتها ولا سيما وأنها في منطقة المليئة بالأحداث والمتغيرات.

يحتفل الإسرائيليون بذكرى استقلالهم في 15/5/ 1948، استقلالهم يعني نكبتنا كفلسطينيين، وتعني هزيمة الجيوش العربية في حرب 1948 واقامة إسرائيل على 67% من فلسطين، ثم هزيمتهم في حرب النكسة 1967واضاعة بقية فلسطين وأراضي عربية أخرى، كانت نتاجها رسم خريطة لحدود غير رسمية بين إسرائيل والعرب، وحتى يظل التاريخ ماثلاً في الأذهان نعيد إلى الذاكرة نص الرسالة التي بعث بها عبد القادر الحسيني بطل معركة القسطل لجامعة الدول العربية عام النكبة 48، التي خذلتهم ولم تستجب لنداءات المجاهدين لتقديم العون والدعم العسكري لحسم المعركة لصالحهم بعد نفاذ أسلحتهم، وحملها جزء من مسؤولية نكبة الفلسطينيين، ادوارد سعيد يؤكد تورط العرب في نكبتنا، "كنا معروفين بكل بساطة بصفتنا اللاجئين العرب الذين هربوا لأن زعمائهم طلبوا منهم أن يهربوا"، ومازال البيع والتطبيع المجاني "اتفاقات ابراهام" منحت هذا الكيان الهلامي الحدود التوسعي شرعية غير قانونية، نتنياهو أسقط كل ما جاء في بيانات القمم العربية، ووضع الكثير من العرب في موقف تاريخي حرج، فاضحاً حالة العجز التي تعاني منها الدول العربية والمرشحة للاستمرار لعدة عقود قادمة.

الصراع الفلسطيني الفلسطيني يبدو أكثر حدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على مدى سنوات نتابع لقاءات المصالحة مصالحة مع من، الضحايا مع الضحايا، رغم عبثية الحوار الذي لن يصل إلى نتيجة كما كل جولاته، لا نتجاهل هنا أهمية وضرورة مواصلة الجهود لإنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، وتبعاته الكارثية على القضية الفلسطينية محلياً ودولياً، والذي ساهم إلى جانب المتغيرات العربية السلبية الأخرى، خلال السنوات الماضية من تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية بوصفها أساس الصراع في المنطقة، وما يتطلبه من خطوات لتصحيح ومعالجة الأوضاع الداخلية الفلسطينية وآليات المقاومة الشعبية الضرورية والمطلوبة أيضاً، الاستفادة من البصمة الصينية في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وانعاش اتفاق بكين الذي وضع خطوات للمصالحة الفلسطينية.

خسرت فلسطين ولم تربح إسرائيل، لكن بقيت الروح الفلسطينية في عيون كل طفل ميت وفي حجارة كل بيت مهدم هذا ما يجعلهم خائفين على إسرائيل، والهاجس الأمريكي بدا واضحاً في محاولة انتشال إسرائيل من بين الأنقاض، فكان التعهد بحمل السعودية على التطبيع، أمريكا تنتهج منطقاً مزدوجاً ومتناقضاً في أمر الدولة الفلسطينية فهي تحتفظ بموقف بما يؤمن رضا إسرائيل عنها، وأنها تريد دولة بمواصفاتها المطلقة، لا يبدو نتنياهو يتجه نحو انهاء الحرب، كررها مراراً "أياً تكون الاتصالات فالحرب سوف تستمر"، وهو لا يعارض حل الدولتين فحسب بل يرفض السماح للسلطة الفلسطينية بأن يكون لها دور في حكم غزة بعد الحرب، انتوني بلينكن قال لهم "اقبلوا بدولة للفلسطينيين الآن، والا لن تكون هناك دولة لليهود".

كل ذلك يطرح العديد من الخطوات الملحة أممياً:

  • وقف حرب الابادة الجماعية والتطهير العرقي، والتجويع والتهجير في قطاع غزة، ووقف الضم والاستيطان في الضفة الفلسطينية.
  • إنهاء الاحتلال وتطبيق القرارات الأممية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي هجروا منها منذ عام 1948.
  • الإعلان الرسمي عن رفض مشروع ترمب "صفقة القرن"، وما يشكله من مخاطر على القضية الفلسطينية.
  • دعم الجهود الفلسطينية للانضمام إلى مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، بعد أن أصبحت دولة فلسطين عضواً في جمعيتها العمومية! (محكمة العدل الدولية، محكمة الجنايات الدولية، مجلس حقوق الإنسان، اتفاقيات جنيف.. الخ) بوصفها مؤسسات يمكن الاستفادة منها، كساحات للنضال ضد السياسيات التوسعية الإسرائيلية والاستيطان.

 

 

 

 

Loading...