أسئلةٌ كبيرةٌ أثارها فشل قمة بغداد

 

 

الإيجابية الوحيدة وهي رمزية وليست أكثر أن القمة الرابعة والثلاثين عقدت في بغداد للتذكير بأن العراق ما يزال عربياً.

وإذا كانت هذه الإشارة الرمزية تعني بعض نجاح، إلا أن كل ما عداها جسّد فشلاً مدوياً أثار عدة أسئلة.

  • هل هو فشلٌ لقمةٍ واحدة انعقدت في ظرفٍ عربيٍ وإقليمي ودولي، يضطرم بنزاعات وحروب، واصطفافات لا تسمح عملياً بأي نجاح؟
  • هل هو فشلٌ لفكرة القمم على نحو يحتم التفتيش عن صيغة مختلفة، بعد فشل أربعٍ وثلاثين قمة، تمت على عقودٍ طويلة دون نجاح الأمة في معالجة كوارثها، وطمع القوى الخارجية وسيطرتها عليها؟
  • هل هو فشلٌ مركب لما تبقى من نظامٍ عربي كانت القمم بالنسبة له عنواناً لوجوده كما هي المتاحف تضم مخلّفات حضارةٍ سادت ثم بادت؟

هذه أسئلةٌ أثارها الفشل المدوي للقمة الرابعة والثلاثين، لم يتوقف الفشل عند مجرد العجز عن بلوغ حدٍ أدنى من وحدةٍ أو تفاهمٍ أو قرارات قابلة للتنفيذ، بل وصلت إلى ما هو أعمق، ودليله أن أصحاب القمة من الزعماء لم يعودوا يرون مبرراً لانعقادها ولا حتى لرسائلها الرمزية التي دأبت على توجيهها خلال سلسلة القمم السابقة.

المؤشر الأهم على ذلك، أن القمم فقدت اهتمام الجمهور العربي بها وبذات القدر فقدت اهتمام العالم، الذي لم يعد يراها تعبيراً جدياً عن تجمعٍ إقليمي يحسب له حسابٌ في زمن التجمعات الفعّالة في عصرنا.

إن القمة الرابعة والثلاثين التي جسّدت فشلاً متكاملاً لتجربةٍ عربيةٍ كانت تصيب بعض نجاحٍ عابرٍ في أمرٍ ما، إلا أنها تتردى في فشل أفدح في أمورٍ أخرى، ففي ظل الأربع والثلاثين قمة، وقعت كل الانتكاسات والهزائم والكوارث التي حلّت بالعالم العربي ولم تلقى العلاج المفترض لها.

ما هو المخرج وكيف، الإجابة لا تكون من خلال ما يقال غالياً بالإعداد الفني والإداري الجيد، بل تكون من خلال تعافي الكيانات والنظم من عللها الداخلية وأهمها وأشدها خطورةً انفتاح أبوابها لتدخلاتٍ خارجيةٍ تبدو في ظاهرها صديقة أو حليفة، بينما هي في الواقع تدخلات لصالح الأجندات الخاصة بالمتدخلين وأهدافهم.

وإذا ما تحقق هذا الشرط أو أصبح السعي إليه حقيقياً وعلمياً وجدياً فساعتئذ يصبح الحديث عن قمةٍ فعّالة أمراً منطقياً وممكناً، أمّا إذا بقي كل شيء على حاله، فلن تكون القمم العربية أكثر من رقمٍ يضاف إلى ما قبله مع مواصلة عداد الكوارث في العمل.

 

Loading...