قمّة دول التريليونات وقمّة الدّول الجائعات

 

 

 

لا يمكن لأيّ مراقب أن يغفل المقارنة بين القمّة الخليجية التي عُقدت في الرياض بحضور رئيس الولايات المتحدة، والقمّة العربية الرابعة والثلاثين التي عُقدت في بغداد بعد أيام قليلة من انتهاء زيارة الرئيس الأميركي لدول الخليج العربي.

في الرياض، وعلى وقع الصفقات التريليونية، أعلن ترمب رفع العقوبات المفروضة على سوريا بموجب ما عُرف بـ"قانون قيصر"، تحت عنوان منحها فرصة جديدة، إرضاءً للأمير محمد بن سلمان المسلم السّعودي، وبضمانته لرئيس سوريا أحمد الشرع المسلم السوري (المدعوم من المسلم التركي رجب طيب أردوغان)!!

وفي الرياض أيضًا، أعلن الرئيس الأميركي عن إمكانية التوصّل إلى اتفاق نووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر مفاوضات تُجرى بين مسقط وروما، ما يشير إلى استبعاد الخيار العسكري، وهو ما ترغب به دول الخليج لأسباب اقتصادية وسياسية متعددة.

ولا بد أيضًا من الإشارة إلى أن قرار وقف الهجمات على الحوثيين في اليمن جاء قبل زيارة ترمب إلى الرياض، باعتباره تمهيدًا للقرارات التي تلت ذلك. كما أن ما جرى تم دون إشعار إسرائيل، الأمر الذي استدعى استثنائها من زيارة الرئيس الأميركي، في سابقة لم تشهدها زيارات رؤساء الولايات المتحدة إلى المنطقة من قبل!!

فهل يمكن أن نجد لكل ذلك تفسيرًا آخر غير انتقال أميركا ترمب إلى ضفّة جديدة في الشرق الأوسط، عبر البوابة السعودية الخليجية، بما يجعل القرارات المتعلّقة بالمنطقة تميل لصالح السعودية ودول الخليج على حساب تل أبيب؟!

أنا لا أقول إنّ أميركا تخلّت عن إسرائيل، لكن من المؤكّد أن هناك صوتًا خليجيًا بات مرتفعًا في الأذن الأميركية...

في المقابل، عُقدت القمّة العربية في بغداد وسط حضور عربي متواضع، إذ لم يشارك فيها سوى سبعة رؤساء، إلى جانب الرئيس المضيف، ما عكس فتورًا واضحًا في التمثيل الرسمي!!

وفي المقابل أيضًا، اقتصرت مخرجات القمّة على ما يشبه المناشدات والتوصيات، بشأن المناطق المشتعلة بنار الحروب، من غزّة إلى اليمن، مرورًا بليبيا والسودان، من دون أن ننسى لبنان.

وأخيرًا، بارك الجميع قرارات القمّة الخليجية السعودية–الأميركية، وكأن القمّة العربية عقدت للمناشدة وللبكاء في مكان وللنظر ومن بعيد على ما يحصل في مكان آخر من الخليج ، قريب جغرافيًا، لكن بعيد... بعيد جدًا للوصول إليه!!

 

 

 

Loading...