جولة في عقل الرئيس ترمب!!

 

 

 

ربما يتساءل الكثيرون عن سبب اختياري لهذا العنوان والذي يعطي انطباعا بأني سوف اقوم بتشريح شخصية الرئيس ترمب من الناحية النفسية والعقلية، ولكن في الحقيقة ان الذي دفعني للتفكير في مثل هذا المقال هي شخصية ترمب بكل مكوناتها النفسية وخلفيته الاجتماعية والمهنية وحاضره السياسي والتي تُغلف كلها بالخروج عما هو مألوف في عالم السياسة وبخاصة في دولة مثل الولايات المتحدة الاميركية.

عندما دخل دونالد ترمب البيت الأبيض في يناير 2017، لم يكن قد خاض من قبل أي تجربة سياسية أو عسكرية أو حتى إدارية في القطاع العام. كان ببساطة "تاجر عقار" مثير للجدل، ومع ذلك تمكن من كسر كل قواعد اللعبة السياسية الأمريكية، ونجح في أن يصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة.

فما الذي جرى ويجري لهذا الرجل؟ ولماذا تتسم قراراته وتوجهاته بالتناقض والغرابة؟ وهل هي فعلاً عشوائية، أم أنها مدرسة جديدة او لنقل مدرسة متفرعة من مدرسة الرئيس رونالد ريغان الرئيس الاربعين لأميركا فالاثنان يتشابهان بانهما جمهوريان كما انهما جاء من خارج النادي السياسي التقليدي في اميركا، فترمب جاء من سوق العقار فيما ريغان جاء من عالم السينما والتمثيل؟؟

بخلفيته كتاجر عقار يقيس ترمب النجاح بالمال فقد تعلم أن "الخسارة ضعف " لذلك نرى ان عقله مبرمج على الصفقات والربح لا على المبادئ والقيم، وعلى الفوز لا على التوازن فالتوازن لديه أقرب للخسارة وهذا ما انعكس بوضوح في أسلوبه الرئاسي في الفترتين، حيث كان يتعامل مع السياسة كمن يفاوض على برج أو كازينو، يهدد، يبالغ، ثم يساوم وهمه ان لا يخسر باي حال من الاحوال.

هذه التناقضات ليست دائمًا عشوائية؛ فهي في احيان كثيرة طريقته في التفاوض، يعطي انطباعًا بالغضب وأحيانا الذهاب الى حافة الهاوية ليربك خصمه، كمن يشعل النار، ثم يعرض على خصومه صفقة لإطفائها وبأثمان غالية وغالبا على حسابهم، إنها النسخة " الترمبية “من " هندسة الفوضى “التي اخذ يطبقها منذ عودته الى البيت الابيض بداية هذا العام.

ورغم ان ترمب لم يأت للرئاسة من عائلة سياسية كآل  كنيدي او آل بوش  ورغم انه ليس واحدا من  كبار اثرياء العائلات بأميركا مثل  ال روكفلر ولا ال روتشيلد  الا انه اتقن فن مخاطبة  الناس من الطبقات الوسطي والفقيرة  التي  تسمى " اميركا المنسية " واقصد هنا   العمال البيض، المحافظين المتشددين، و كان يتحدث  معهم بلغة ابن  الشارع، يهاجم الإعلام، يسخر من خصومه، ويتجاهل البروتوكول ويحطم المؤسسات التي يعتبرها مقيدة له ويحتقر  القيم الديمقراطية  بل يسعى لتحطيمها فهو  ينظر لها باعتبارها سجنا للحرية  وهذا كان يطربهم ويغذي لديهم الشعور بالمواطنة  وفي هذه النقطة تحديدا هو الاقرب لسلوك نتنياهو .

ولأن قاعدته الانتخابية “اميركا المنسية والانجيليين “فهي ترى فيه “المخلص " وهذا سر ثبات شعبيته بين مناصريه وهي ظاهرة تدلل لربما على بداية جنوح المجتمع الاميركي ذو الاصول الانجلو سكسونية " البيض " نحو مزيد من التطرف واللجوء للعزلة وكراهية.

وفي كل الاحوال لا يمكن النظر الى الرئيس ترمب كرئيس تقليدي فهو رئيس مركب من ثلاثة عقول  وهي ، العقل الاول  عقله هو الذي يجمع  البساطة مع عقدة المال والشهرة والسطوة ، وعقل الرئيس  جيمس مونرو "  صاحب فلسفة القوة  بالعزلة  وصاحب مقولة اميركا للأميركيين واوروبا للأوروبيين " ،  والرئيس ريغان صاحب نظرية  " ان السلام القوي يتحقق عبر القوة العسكرية " ، وقد استطاع ريغان بهذا المبدأ من وضع الاتحاد السوفياتي على حافة الانهيار والتفكك بعد ان اطلق مشروع " حرب النجوم " الذي ارهق السوفييت وانهى قوتهم بدون مواجهة عسكرية .

باختصار ان ترمب ينظر للعالم كل العالم وكأنه ناطحة سحاب في نيويورك يريد ترميمها لصالحه بأقل الكلف واعادة بيعها بأغلى سعر ممكن، والسؤال كيف يمكن التعامل معه؟؟

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...