حتى القضاء على حماس أو استسلامها، هذا سبب لإطالة نتنياهو أمد الحرب، حتى يتجنب لجان التحقيق ويبقى في الحكم لأطول فترة ممكنة، أيضاً هذا سبب وقد أصبح واضحاً، ولكن كلا السبيين ليسا كافين لتفسير هذا الاصرار على إطالة أمد الحرب إلى حد التضحية بتلك الخسائر وتحمل تلك الضغوط، وحتى لو أراد نتنياهو ذلك فلم تكن للمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية أن تستجيب لسياسات نتنياهو بإطالة أمد الحرب.
عندما يجمع قادة اليمين العنصري الحاكم في إسرائيل على أن تلك الحرب هي حرب وجودية فهم يعنوا ذلك تماماً، ربما ليس المعنى وجود إسرائيل كدولة ولكنه وجود الاحتلال في الضفة الفلسطينية على وجه الخصوص، وجود الاستيطان، والأهم عدم وجود دولة فلسطينية في المستقبل. صحيح أن الحرب تجري في غزة ولكنها ارتداداتها الاستراتيجية هي في الضفة، وهذا هو المعنى الوجودي للحرب. فالتهجير وإن كان الآن يصار إلى تنفيذه من القطاع فإنه يراد أن يكون ذلك مقدمة لتنفيذه من الضفة وأيضا لإجهاض فكرة وحدة جناحي الدولة الفلسطينية العتيدة.
بهذا يمكن فهم كل ما يجري، يراد لها حرب تتواصل حتى التهجير، تستخدم فيها المجازر والتجويع والتدمير لتحقيق هذا الهدف، ويستخدم فيها الدهاء السياسي والمراوغة والتآمر الأمريكي أيضاً، إن ما يجعل نتنياهو يقبل بالإدانات الدولية ومواجهة الإدانة بارتكاب جرائم الحرب، وخسارة الموقف الأوروبي، والتحول إلى دولة معزولة هو فقط تحقيق التهجير.
لكن الذي يحصل في الأيام الأخيرة، إن هناك سباق مع الزمن بين نتنياهو وما يهدف من هذه الحرب من جهة وبين التفاعلات السياسية المختلفة من جهة أخرى، نتنياهو على حافة السقوط بسبب أزمته الحكومية، الضغوط الدولية المتصاعدة، الضغوط الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، ويأتي في الأيام الأخيرة تعاظم الخسائر البشرية الإسرائيلية في الحرب…. كل هذه العوامل تقف أمام رغبة نتنياهو في إطالة أمد الحرب حتى التهجير. والوقت هو العنصر الحاسم في تحديد مصير هذه القضية.
وصلت الأمور إلى مرحلة الحسم، أسابيع قليلة أو ربما بضعة أيام ستحدد النتائج، وصلت الأمور إلى خط النهاية أو تكاد ….. وصلت الأمور لهذا المستوى لأن حكومة اليمين العنصرية استنفذت كل ما لديها من وقت وامكانيات، ولأن العالم نفذ صبره ولكن بعد يحتمل هول الكارثة، ولأن سبل تحقيق التهجير أصبحت مغلقة بفعل عظمة صمود شعبنا أولا وبفعل تعارض ذلك مع مصالح الدول المحيطة ثانياً، الأيام القادمة حبلى بالمفاجئات، كل شيء ممكن، ولكن الغير ممكن أن تعاد تجربة النكبة ثانية.