مقالات مختارة

إسرائيل تتصرف في سورية خلافاً لمصالحها | ناحوم برنياع

جنود من جيش الاحتلال يرفعون العلم الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ السوري

 

 

 

التقيت، الأربعاء الماضي، في هضبة الجولان من دُرج على تسميته "مصدراً عسكرياً كبيراً". تحدثنا عن وضعنا في سورية. ماذا يحصل مع الدروز؟ سألته. تنفس الصعداء وقال هذه ISSUE (قضية). وصف سلسلة من الأحداث، بدايتها صدام بين دروز وجهاديين في جرمانة، ضاحية في دمشق مختلطة السكان. انتقلوا من تبادل الضربات إلى إطلاق النار، ومن جرحى إلى قتلى. شيء ما بين حرب عصابات وحرب ميليشيات. يتوصلون إلى وقف نار، وعلى الفور يخرقونه. دخل إلى الحرب الطائفية عنصر الدين، بعد أن نشر شريط ظهر فيه شيخ درزي يشتم محمداً. الشريط على ما يبدو كان مزيّفا، لكن المصلحة حقيقية.
ما قاله وما لم يقله عكس انعدام الراحة: لإسرائيل مصلحة في حكم مستقر في سورية، قوي في الداخل، وضعيف في الخارج، وفي اتفاق على ترتيبات أمنية، وفي تجريد الجنوب السوري من السلاح. ما لنا وللقصة الدرزية هذه؟ الواقع الجديد في لبنان وفي سورية هو الإنجاز الأكبر للجيش الإسرائيلي في الحرب. لماذا التخريب؟
ما بالك أيضا بأن بؤرة الأزمة، جبل الدروز، المحافظة التي يعيش فيها نحو نصف مليون من أبناء الطائفة، على مسافة 80 كيلومتراً من هضبة الجولان، وهي المسافة تضع في الشك الادعاء الإسرائيلي بضرورة التجريد؟ وما بالك أن الجيش الإسرائيلي متوتر حتى أقصى مدى: تقرر نقل لواء المظليين إلى هضبة الجولان، مباشرة من غزة.
في غضون أربعة أيام تشوش كل شيء. ذبح بدو دروزا في السويداء، في جبل الدروز، واقتحم ألف شاب إسرائيلي من القرى الدرزية في الجليل الجدار الحدودي، في تظاهرة جسدت تضامنهم مع أبناء طائفتهم في سورية وغياب الحوكمة الإسرائيلية في الجولان؛ فقد نزلت قافلة من الجهاديين من دمشق جنوبا، إلى السويداء. قصف سلاح الجو 200 هدف في سورية، معظمها أهداف عسكرية لا صلة لها بالشقاق السوري الداخلي. "إشارات"، سمّى هذا وزير الدفاع كاتس، وعلى الفور حذر بأنه لن يكون هناك مزيد من الإشارات، بل ستكون حرب حقيقية. نشر نتنياهو وكاتس بياناً مشتركاً برر التدخل العسكري في سورية بـ"حلف الإخوة العميق مع الدروز في إسرائيل". عندما يلوح أولئك الذين اختلقوا قانون القومية بحلف الإخوة فإن رائحة التزييف تصل بعيدا. لإسرائيل مصالح أمنية مشروعة في سورية، من الأفضل التركيز عليها. العلاقات بين حكومة إسرائيل والدروز في سورية تذكر بالعلاقات بين الحوثيين في اليمن والفلسطينيين في غزة: في أفضل الأحوال هذا حلف إخوة بأثر رجعي.

الخاسر الأكبر
لماذا يعودون ليقتل الواحد الآخر؟ سألت البروفيسور إيتمار رابينوفيتش. سورية هي مجال تخصصه، وضمن أمور أخرى ترأس في التسعينيات المفاوضات مع سورية الأسد. في الأسابيع القادمة، ستنشر دار النشر "عام عوفيد" كتابه (إلى جانب د. كرميت برنسي) "الهزة السورية" الذي يصف ما مر على الدولة من الحرب الأهلية حتى اليوم.
قال رابينوفيتش، انه "في المستوى العميق فإن السنة المحافظين والمتفرقين لا ينظرون إلى الدروز والى العلويين كمسلمين. يرون فيهم طوائف خرجت عن الإسلام، أي كفارا. هذا جانب واحد من المواجهة.
"الجانب الآخر سياسي: الشرع، فالرئيس يريد أن يحكم سورية واحدة، مركزية. يريد أن يدخل جنود الميليشيات الطائفية إلى الجيش ويلحقهم بالدولة. الدروز والأكراد يريدون الإبقاء على قوتهم كحكم ذاتي مسلح.
"أقدر أنه يعمل عملاء ايران و(حزب الله) في جنوب سورية على إفشال الشرع ونظامه. فهم يشجعون البدو في منطقة درعا على الصدام مع الدروز في السويداء، جبل الدروز".
هل الشرع يتحكم برجاله؟ سألت.
"يتبين أن لا"، أجاب. "الأميركيون سمحوا له بأن يدخل 3500 أجنبي إلى جيشه، من خريجي ميليشيات جهادية. معظمهم من القوقاز. خليط عظيم. العنصر الذي وصل إلى السويداء كان منفلتا على نحو خاص. قتلوا بل وأهانوا. في هذه الأثناء فإن الخاسر الأكبر هو الشرع".
ماذا ينبغي لإسرائيل أن تفعله؟ سألت.
"أن تساعد النظام والدروز على ترتيبات العلاقات بينهما"، قال. "كلما قصفنا اكثر نبعد إمكانية أن نصل إلى تسوية مع النظام". "حكومة إسرائيل تعمل دون تفكير. رئيس الوزراء والوزراء يتحدثون اكثر مما ينبغي. هم يقعون في خطيئة تمزج جنون الاضطهاد بإحساس القوة: تسبب 7 تشرين الأول بجنون اضطهاد، وتتسبب الإنجازات تجاه "حزب الله" وإيران لهم بالتفكير بأن القوة هي الجواب وليس الدبلوماسية.
"لإسرائيل، وللولايات المتحدة، ولتركيا توجد مصلحة مشتركة – التهدئة. ترامب، الذي اصبح مؤيدا للشرع، ينبغي أن يشعر بالحرج".

"هم يتخلون عنا"
مساء الأربعاء الماضي، دعي بعض رؤساء الطائفة الدرزية إلى لقاء عاجل مع نائب رئيس الأركان، تامير يداعي، وقائد المنطقة الشمالية، أوري غوردن، وكبار مسؤولي "الشاباك". خرج رئيس مجلس دالية الكرمل، رفيق حلبي، من اللقاء خائب الأمل. هل صحيح أن الجيش انجر بخلاف إرادته إلى هذه القصة؟ سألت. "انت دقيق"، قال حلبي. "لا يعرف الجيش ما يفعله. لا أحد في الحكومة يعرف ما يفعله. همس أحد المدعوين لي بالعربية أثناء اللقاء، هم يتخلون عنا. هو محق". اشرح لي، طلبت، ما الذي يدعو الدروز في إسرائيل لأن يتدخلوا جسديا في حرب داخلية في سورية؟ فاجأني جوابه.
"توجد الآن يقظة للدروز في كل الشرق الأوسط"، قال. "يدور الحديث عن ثورة: أقلية تقرر رفع رأسها. يتحدث دروز في إسرائيل كل الوقت مع دروز في لبنان وفي سورية. هم مصدومون مما يفعلونه هناك".
ما هو مكان موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، في هذه اليقظة؟ سألت.
"طريف يريد أن يكون زعيما درزيا إقليميا"، قال. "القصة معقدة: حكومة إسرائيل تستخدم طريف لتحقيق مصالحها، وهو يستخدمها لتحقيق مصلحته".
قبل بضعة اشهر، قلت، جلب طريف اكثر من 100 شيخ درزي من سورية إلى النبي شعيب، الموقع المقدس للطائفة. جاؤوا في زيارة مغطاة إعلامياً، وبعد ذلك لزيارة أخرى. في القرى الدرزية في هضبة الجولان لم يستطيبوا الضجيج، ولم يستطيبوا الرعاية التي يفرضها الدروز في الجليل على الدروز في سورية.
"انت تدخل إلى الخصام الداخلي في الطائفة"، قال حلبي. "هذا ليس الأساس. زيارات الشيوخ في إسرائيل كانت مناورة من جهة إسرائيلية لكسب معقل في سورية".
نحن كسبنا معقلا في سورية وهم كسبوا معقلا فيها، فكرت. تذكرت قصة الغرام المأساوية التي أدارتها إسرائيل مع المسيحيين في لبنان. ماذا تطلب من إسرائيل أن تفعل؟ سألت.
"على مدى الأسبوع، جر نتنياهو رجليه"، قال حلبي. "على الجيش الإسرائيلي أن يقصف اكثر. لا أن يدمر ثلاث دبابات، بل أن يدمر كل الدبابات. على الشرع أن يفهم بأن الدروز أقوياء".

عن "يديعوت"

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...