يخطئ مَن تنازعه نفسه، على إسقاط الظرف الذي أنتجته حرب الإبادة الجماعية، وهي تطوي عامها الثاني، من خلال قياس صور حاجة الناس، بفاقتهم وجراحاتهم، وسعيهم للحصول على بعض الغذاء، أو الكساء، أو الدواء، أو الإيواء، لتدبر أيامهم، وهم تحت سيف أحط مقتلة في العصر، التي تعمل فيها إسرائيل الفاشية بالموازاة، على هندسة الإهانة والإذلال، قبل هندسة التجويع، على أنها هذه صورة غزة الكلية، في ذهنية هويتها حاضراً، وبأثر رجعي ماضياً، وما سينسحب عليها مستقبلاً، أو أن هذا هو وجهها، الذي تنقله تلفزة الدنيا لكل الدنيا.
لا يحتاج المُعرَّفُ إلى تعريف، كما لا تحتاج صور الناس البائسة الآن إلى تعليل، وليس في عائلات غزة الراشدة، ولا عشائرها العربية، ولا مخيماتها الأبية، رغم ضوضاء سقط المتاع، ما يدل على أن هذه اللحظة ستستمر إلى الأبد أو ستطول، أو أنها ستمر مرور الكرام، في التداعيات والمآلات، بالأطوال والأبعاد جميعاً، لأن أحدا لن يستطيع أن يزعم في أربع جهات العالم لاحقاً، أنه لم يعلم بأم الجرائم، عندما وقعت في غزة.
على أي حال:
نسير من قدرٍ إلى قدر، وستنهض غزة، مع كل فلسطين، من كبوتها، وستقوم قيامتها، وستلملم جراحاتها، وتعيد بناء مستقبلها، على أنقاض هذا الواقع. وتلك الأيام يداولها الله بين الناس.