هناك لبناني أمريكي، ولبناني فرنسي، ولبناني أفريقي، ولبناني ألماني، إلى ما لا نهاية. ولكني أدعو لأن يكون كل واحد من هؤلاء لبناني حوراني نسبة إلى حوران السوريّة.
في خطوة حافلة بالانتماء والمسؤولية الوطنية، أطلقت حملة "أبشري حوران" يوم الجمعة، 29 أغسطس 2025. والأهمية في هذا التاريخ هي سرعة الاستجابة؛ ففي غضون ساعات قليلة، لا أيام أو أسابيع أو حتى شهور، تمكن أبناء المحافظة في الداخل والخارج من جمع عشرات الملايين من الدولارات لتوجيهها مباشرة نحو مشاريع إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة وإعادة بنائها.
ماذا تعني هذه الخطوة سوى أنها إعلان صريح على قدرة المجتمع على إدارة عملية إعادة الإعمار بنفسه، بعيداً عن المساعدات الدولية المشروطة والإملاءات الخارجية التي تكون بداية للهيمنة ومصادرة حق تقرير المصير؟
إن كون المرء لبنانياً حورانيّاً أهم بكثير من كل جنسيات العالم، خاصة إذا كان في مجتمعه نساء مثل السيدة المسنّة "أم فايز العدوي". فقد رحبت أم فايز، مع بقية المرحبين، بالشيخ ليث البلعوس ورجال الكرامة، ثم خلعت سوارها الذهبي لتتبرع به، مساهمةً في بناء الوحدات السكنية ومد جسور المحبة والوحدة بين أبناء الشعب السوري!!
إذن، المسألة هي مسألة انتماء.
هذا الانتماء ينقلنا من نظام العنف إلى نظام المؤسسات. وهذا الانتقال هو اللحظة التأسيسية الحقيقية للدولة. بعد هذه اللحظة، يمكن الحديث عن السياسة، وعن شكل النظام، وعن الإصلاحات التي بدونها لا تقوم أوطان!!
الانتماء للوطن قدرٌ نعيشه، مهما كان الوطن ضعيفاً. فالوطن ليس مشروعاً مؤجلاً لا يستحق الانتماء إليه إلا بعد أن يصبح قوياً وقادراً وعادلاً (كي لا يعتب علينا أحد).
يعرّف دوغلاس نورث المؤسسات بأنها "قواعد اللعبة في المجتمع". وبصياغة أكثر رسمية، هي القيود التي يضعها الإنسان لتشكيل التفاعل البشري.