
منذ الحرب الأخيرة على لبنان، والتي أتت نتيجة لـ "حرب الإسناد" منذ 8 أكتوبر 2023م، والتي كُتِبَ فيها وحول كل حدث مصيري فيها آلاف التعليقات والتحاليل والكلمات؛ كنتُ - وأنا لا شيء في المعادلة الكبرى وبأحداثها - من الذين لم يعلّقوا بشيء على ما صدر عن حزب الله بعد رحيل الأمين العام السيد حسن نصر الله ومجيء الشيخ نعيم قاسم لموقع الأمانة العامة للحزب.
منذ بداية ظهور هذا الرجل، وأنا أتردد في الكتابة عما يقوله. وهناك سبب لا أخجل من ذكره لعدم الكتابة، وهو أني - وحتى كلمته الأخيرة في مناسبة اغتيال قائد الأركان الطبطبائي - لا أفهم ما يريد قوله ولا أرى أي إمكانية لما يريد فعله!!
في كلمته الأخيرة، قال الشيخ نعيم: "إن اغتيال الطبطبائي اعتداء سافر وجريمة موصوفة، ومن حقنا الرد، وسنحدد التوقيت لذلك. " وقد أشار إلى أن الاغتيال لا يؤدي إلى ضرب المعنويات (وهي عالية جداً عند الجميع) مؤكداً أن هدف الاغتيال "لم ولن يتحقق".
شيخ نعيم، هدف العملية التي قام بها العدو هو قتل قائد الأركان لقوات حزب الله وقد فعل، فكيف رأيت أن هدفه لم يتحقق؟ أما ما ترك الاغتيال من معنويات عالية، فنترك لك تقديره!!
أضاف الشيخ نعيم: "هناك مرحلة جديدة اسمها الاتفاق، وأصبحت الدولة مسؤولة عن طرد هذا الاحتلال ونشر الجيش اللبناني."
بما أن الشيخ نعيم لم يكن أستاذ اللغة العربية، فلا ضرورة للتعليق على الربط بين هذا المقطع وما ذكره قبله، لأن علم الفيزياء لا يؤمن بربط الأشياء ببعضها!!
والمشكلة أنه تابع بالقول: "يمكن أن يكون هناك عملاء؛ فالساحة مفتوحة، ومنذ فترة اعتقل الأمن العام شبكة للعملاء على قاعدة أن الساحة يعمل فيها العدو براحة كبيرة. وهناك من يساهم في إعطاء العدو الإسرائيلي المعلومات."
بدأ الشيخ نعيم كلامه بالشك، إذ قال: "يمكن أن يكون هناك عملاء". بكِّير لنقول كلنا على ثقة بأن هناك الكثير من العملاء. والأهم من ذلك أن الأمن العام اعتقل شبكة العملاء، لأن أمن المقاومة يعمل على إفشال مخططات العدو الهادفة إلى الاغتيالات والضرب بالمعنويات!!
المصيبة أنه شدد قائلاً: "نحن أمام عدوان على لبنان، وأقول للحكومة: لا تستطيعين أخذ الحقوق دون القيام بأهم واجب، وهو حماية المواطنين."
شيخ نعيم، بربّك ارحمنا! سلاحك ليس لحماية الوطن ولا لحماية المواطنين، فارحمنا وانطق بهذه الجوهرة: لمن هذا السلاح؟؟
ذكر الشيخ نعيم أن خُدّام إسرائيل في لبنان قلّة، لكنهم يشكّلون مشكلة لأنهم يلعبون دوراً (خارج إطار الدوري اللبناني)؛ ولذلك "لا تفويض لأحد في لبنان أن يتنازل عن أرض لبنان وكرامة لبنان".
الأهم من كل ما تقدم قوله: "إن السلاح مشكلة مُعيقة لمشروع إسرائيل". لا ضرورة لذكر أية أمثلة، لأنه لا يتسع لها كل صفحات التاريخ منذ العام 1948 حتى تاريخه!!
الطامّة الكبرى أن يأتي بعد هذه المواقف معزوفة وزير خارجية إيران عباس عرقجي، وفحواها أن بلاده لا تتدخل في شؤون لبنان.
لا تصدقوا ولا تستمعوا لما قاله مستشار المرشد الأعلى الذي حذرنا من عواقب نزع سلاح حزب الله، مضيفاً في التغريدة نفسها أن وجود حزب الله بات بالنسبة إلى لبنان أهم من الخبز والماء.
لا بد من التبني والاكتفاء برد وزير الخارجية اللبناني الذي قال: "ما هو أهم من الماء والخبز بالنسبة إلينا هو سيادتنا وحريتنا واستقلال قرارنا الداخلي، بعيداً عن الشعارات الإيديولوجية..."
وبما أني لست من السلك الدبلوماسي ولا أفهم في لغة تخاطب وزراء الدول، لا بد من رد على مستوى معرفتي، وهو للشاعر الراحل نزار قباني؛ حيث كتب قصيدته "إلى بيروت الأنثى مع الاعتذار"، وأهم أبياتها:
إنَّ كوناً ليس لبنان فيه،
سوف يبقى عدماً أو مستحيلا.
كل ما يطلبه لبنان منكم
أن... تحبوه قليلاً.
وبالإذن من الشاعر الكبير، وليسامحني ولو كان في قبره للتصرف في الشطر الأخير:
كل ما يطلبه لبنان منكم أن تحلّوا عن ... قليلاً.